ما هي الكتب التي يجب ألّا تقرأها؟
بين الحرص على المعرفة وانتقاء الغذاء العقلي السليم
في زمن الانفتاح المعرفي وسهولة الوصول إلى ملايين الكتب بضغطة زر، أصبح من الضروري ألا نُسرف في القراءة دون وعي، فليست كل الكتب تستحق وقتك، ولا كل ما يُكتب يستحق أن يُقرأ.
وهنا تبرز تساؤلات جوهرية: هل كل كتاب مفيد؟
وهل القراءة بذاتها فضيلة مهما كان محتواها؟ والجواب: لا.
1. الكتب التي تفسد الفطرة وتشوّه العقيدة
بعض الكتب تُبطن أفكارًا فلسفية أو إلحادية أو سحرية تمس الفطرة وتضرب بجذور الإيمان، وقد يقرأها القارئ غير المتخصص دون أدوات نقدية تحميه، فتؤثر على عقله وقلبه دون أن يشعر. لا يعني هذا الحجر على الفكر، بل الحذر من التلقي العشوائي خاصة في القضايا الوجودية الكبرى.
من الأفضل في هذا النوع أن يبدأ القارئ بمصادر رصينة ذات مرجعية شرعية وفكرية أصيلة.
2. كتب الشُبهات المغلفة بالتنوير
هي كتب تسوّق الشك والتشكيك باسم "التحرر" و"العقلانية"، وتعيد طرح القضايا الدينية الثابتة وكأنها بحاجة إلى تصويت أو مراجعة. وقد تُكتب بلغة رنانة جذابة لكنها تحمل سمًا ناعمًا.
هذه الكتب لا تطرح العلم بل تزرع التيه والقلق وتفكك الثوابت.
3. الكتب السطحية التي تستهلك وقتك بلا فائدة
بعض الكتب لا تضيف جديدًا، ولا تُنمّي عقلًا ولا تهذّب روحًا، إنما تُكرر ما سبق في كتب أخرى أو تلهي القارئ بالعبارات الجوفاء. قد تُصنف ككتب تنمية أو تسلية، لكنها لا تُنمي ولا تُسلي بعمق، بل تستهلك وقتك مثل وجبة سريعة لا تُشبع ولا تُغني من جوع معرفي.
4. الكتب التي تُطبع فقط لأجل الترويج أو التجارة
في بعض الأحيان، تُصدر دور النشر كتبًا مبنية على شهرة مؤلف أو مؤثرة/مؤثر في وسائل التواصل دون مراعاة الجودة أو المحتوى. فتصبح كتبًا مسوقة بلا قيمة علمية أو فكرية. وهذه يجب الحذر منها، لأنها غالبًا قائمة على ركاكة الأسلوب وغياب الرسالة.
5. كتب الانحراف الأخلاقي والتسويغ للشهوات
بعض الروايات والكتب تستهدف تغيير القيم الأخلاقية والقناعات الدينية من خلال الطرح الفني أو السرد القصصي، وتُلبّس الفجور لباس "الحرية" و"الحق الشخصي". هذه الكتب تفتح أبوابًا للشبهات والشهوات، خاصة لمن يقرؤها دون وعي نقدي أو حصانة تربوية.
متى تقرأ كتابًا مخالفًا إذًا؟
ليس المقصود أن نحصر القراءة في منطقة الراحة فقط، بل أن نختار ما نقرأ بعقل ناقد وقلب ثابت، وأن نُحيط قراءتنا بمصادر أصيلة ومراجعات علمية، خاصة حين نغوص في مجالات الفكر والفلسفة والأديان. اقرأ المخالف إذا كنت قادرًا على الفهم والنقد والموازنة، لا كمن يسير في حقل ألغام دون خرائط.
خلاصة:
ليست كل الكتب كنوزًا، وبعضها أفخاخ مغلفة بورق فخم. فاختر بعين بصيرة، كما تختار طعامك، لأن القراءة ليست مجرد عادة... إنها بناء للنفس والعقل والروح.
"من يقرأ دون وعي، كمن يسير في الظلام ممسكًا بشمعة مشتعلة في الاتجاه الخاطئ."