كيف تختار كتابًا يناسب مرحلتك النفسية؟
أحيانًا ما يكون الكتاب ممتازًا… لكنه “مش لنا الآن”. نقرأه ونقول: ليش ما أثّر فيني؟ الكل يمدحه!
الحقيقة البسيطة: ليس كل كتاب يناسبك في كل الأوقات. مزاجك، مستوى طاقتك، ضغط العمل، وضعك الروحي، حتى “الوجع” اللي تمر فيه… كل هذا يغيّر نوع القراءة اللي تحتاجها.
في هذا المقال بنشتغل على فكرة واحدة: بدل ما تختار الكتاب لأنه مشهور، اختاره لأنه مناسب لحالتك النفسية الحالية. وهذا سر يخلي القراءة علاجًا وليست مجرد استهلاك.
أولًا: اسأل نفسك “أنا في أي حالة؟”
قبل ما تفتح متجر الكتب أو تتصفح مدونتك أو تدخل المعرض، جاوب بصراحة على واحد من هذي الأسئلة:
-
هل أنا مرهق وأحتاج شيئًا خفيفًا يربّت على النفس؟
-
أم تائه وأحتاج كتابًا يوجّهني؟
-
أم متوهّج ونفسيتي عالية وأبغى كتابًا ثقيلًا ينقلني مستوى؟
-
أم مجرّد مشتاق للسكينة وأحتاج كتابًا إيمانيًا ناعمًا؟
جوابك هو البوصلة.
خلّني أقسم لك المراحل النفسية الشائعة، وأعطيك نوع الكتاب المناسب لكل مرحلة 👇
1) مرحلة الإنهاك والتعب
هذه مرحلة “ما لي خلق أفكر كثير”. شغل، التزامات، ضغوط، دماغك مشبع.
الكتب المناسبة هنا:
-
كتب قصيرة، صفحاتها قليلة، لغة بسيطة.
-
كتب روحية لطيفة (رسائل، تأملات، خواطر إيمانية).
-
كتب “تُسمع” أكثر مما تُحلَّل (يعني تقدر تاخذها صوتيًا).
ليش؟ لأن عقلك الآن ما هو جاهز لنظريات معقدة ولا مناهج تغيير. هو محتاج أولًا “يتنفّس”.
ابتعد مؤقتًا عن: كتب تطوير الذات اللي تطلب منك واجبات كثيرة، والكتب الفلسفية الثقيلة.
2) مرحلة البحث عن معنى
هنا يبدأ السؤال: “وش أبغى؟ ليه أقرأ؟ ليه أعيش هالسباق؟”
هذي مرحلة جميلة لو عرفت تستثمرها.
الكتب المناسبة هنا:
-
كتب الهوية، الرسالة، العيش بوعي.
-
السير الذاتية الملهمة اللي تحكي تحوّلات.
-
كتب تتكلم عن “النية” و”الغاية” و”معنى النجاح”.
ليش؟ لأنك الآن ما تحتاج معلومات كثيرة، بل تحتاج اتجاه. كتاب يعطيك “كلمة واحدة” تترسّب داخلك أهم من 400 صفحة معلومات.
3) مرحلة البناء والاستقرار
هنا أنت أفضل: مزاجك متزن، نومك جيد، أعمالك ماشية. هذه أنسب مرحلة للكتب اللي تغيّر حياتك فعلًا.
الكتب المناسبة هنا:
-
كتب العادات (مثل الكتب اللي تعطيك نظام 30 – 90 يوم).
-
كتب التخصص اللي يخدم عملك أو مشروعك.
-
الكتب التي تحتاج تدوين واستخراج أفكار.
ليش؟ لأنك قادر تطبّق. وعشان كذا هذي المرحلة لا تضيعها في رواية عابرة (إلا لو كانت للرّاحة). استثمرها في كتب “ثقيلة مردودها عالي”.
4) مرحلة التعافي
أحيانًا نطلع من تجربة موجعة: فقد، إحباط، فشل مشروع، خيبة.
في هذه اللحظة أنت ما تحتاج كتب “شد الحيل وانهض”. تحتاج كتب تفهمك.
الكتب المناسبة هنا:
-
كتب تراعي المشاعر (العفو، التسامح، السلام الداخلي).
-
كتب دينية تعيدك لله بلطف (تُذكّرك بالرضا، البلاء، الأجر).
-
كتب عن العلاقات والحدود النفسية.
ليش؟ لأنك لو قرأت كتابًا قاسيًا الآن يحسسك بالتقصير، راح يزيد ثِقَلَك. الكتاب المناسب للمرحلة هذه يقول لك: “أنا فاهمك، خذ يدّي، نمشي شوي شوي.”
5) مرحلة التوسّع والإبداع
هذي مرحلة “أبغى شيء جديد”. ذائقتك ارتفعت، وودك تفتح آفاق.
الكتب المناسبة هنا:
-
كتب خارج دائرتك المعتادة (لو كنت تقرأ تنمية، جرّب تاريخ. لو كنت ديني، جرّب أدب. لو كنت روايات، جرّب علم نفس).
-
الكتب الأجنبية غير المترجمة اللي تعطيك سبق.
-
الكتب اللي تغذّي مشروعك أهدافك أحلامك.
ليش؟ لأن التوسّع يمنعك من الملل، ويخلّي مشروعك دائمًا فيه مادة جديدة.
طيب… كيف أعرف “مرحلة الكتاب”؟
مثل ما أن لك مرحلة نفسية، للكتاب أيضا “مرحلة”. اسأل نفسك قبل الشراء:
-
هل الكتاب يطالبني بشيء؟ (واجبات، تمارين، تغييرات) → هذا كتاب لمرحلة البناء.
-
هل الكتاب يحكي ويخفّف؟ → هذا لمرحلة الإنهاك أو التعافي.
-
هل الكتاب يرفع السقف ويتحدّاني؟ → هذا لمرحلة التوسّع.
-
هل الكتاب يجيب أسئلة الهوية؟ → هذا لمرحلة البحث عن معنى.
قارن بين حالتك وبين طبيعة الكتاب… لو تطابقوا: هذا كتابك الآن ✅
أخطاء تخلي القراءة “ثقيلة”
-
قراءة كتاب صلب وأنت منهك → تشعر أن الكتاب سيء.
-
قراءة روايات كثيرة وأنت في مرحلة بناء → متعة بلا مردود.
-
قراءة كتب إحباط وأنت متعافي للتو → ترجعك وراء.
-
قراءة كتب معقّدة فقط لأنها ترند → هذا يقطع حبل الاستمرارية.
الذكاء هنا مو إنك تقرأ كل شيء، الذكاء إنك تقرأ الشيء المناسب في الوقت المناسب.
نموذج عملي
سؤال اليوم: “كيف مزاجك؟”
-
لو الجواب: “متعب” → اختر كتابًا لطيفًا/روحانيًا/قصيرًا.
-
لو الجواب: “متحمّس” → اختر كتاب تغيير أو مهارة.
-
لو الجواب: “تايه” → اختر كتاب معنى أو سيرة.
-
لو الجواب: “مجرّب وجريح” → اختر كتاب تعافٍ.
في الختام
القراءة مو سباق صفحات، القراءة علاقة. والعلاقة الناجحة مبنية على التوقيت.
اليوم يمكن تحتاج كتابًا يضمّد، وبكرة تحتاج كتابًا يحرّص، وبعده كتابًا يعلّم. غيّر نوع الكتاب بتغيّر حالتك… تبقى القراءة متعة، ما تصير عبء.
